إذاعة مصر

Sunday, September 20, 2009

مسلسل ورد النيل

لقطة من المسلسل

نقد مسلسل ورد النيل

عن رواية النمل الابيض للاستاذ /عبد الوهاب الاسوانى

فى البداية نطرح التساؤل التالى :- هل نجح فريق العمل فى مسلسل ورد النيل فى رصد التحولات التى أصابت القرية المصرية فى الجنوب متأثرة ككل الوطن بفعل الإنفتاح الإقتصادى فى الفترة الزمنية التى تلت حرب 3 197

نجحت الدراما التليفزيونية إلى حد بعيد إلى تحقيق النقاط التالية .

1- عبر سلسة من الاحداث والمتواليات المشهدية أدان العمل عزلة المثقف عن البيئة التى يعيش فيها وأنه يجب ألا يتعالى عن قيمها وتقاليد ها والاعراف السائدةفيها فليست الثرثرة حول الطبقة الطفيلية والرأسمالية والحكومة الخفية وابن خلدون ومقدمته وغيرها من القضايا تصنع مثقفا مستنيرا إذا كان هو نفسه عاجزا عن التواصل مع البيئة تراثا وهموما ولم يبق له سوى الثرثرة التى إتخذت سمة السخرية والتهكم دون أن يسعى إلى فعل مؤثر يتصدى للخلل السائد ويمثل هذا النموذج "بشير" الذى أطلق عليه لفظ الزنديق إشارة إلى الإنسلاخ والمقاومة من قبل الشيخ "يوسف" الذى يمثل الحكمة والتراث الجمعى ولقد إستطاع العمل أن يجد الحل لكل ما نحن فيه من مأساه حين تخلص المثقف من عزلته فى الحلقات الأخيرة عندما عرض على أهل القرية المشكلة .

2- "مشكلة ورد النيل " واسهم فى تسويق المشكلة لدى متخذى القرار ، كما أنه عمل مع أهل القرية ما يشبه المؤسسه الأهلية للارتقاء بحرفة الفخار التى قاربت على الإندثار حتى يستطيع أهل القرية النضال ضد أسلحة الإنفتاح الفتاكة بسلاح أفتك وهو التراث تراث الأحداث ليضع المنافسه بين الجرة أو البلاص والثلاجة .

3- كما طرح العمل تساؤلات مندهشه عما يدور حولنا وعجز المثقف المستنير"عامر" عن فهم ما يحدث حوله ،فلم يقدر على التنبؤ بما يحاك له ، فسقط وكان يجب ان يسقط مثل هذا النموذج البشرى الذى عجز عن فك الإرتباط الشرطى بين النماذج الشرهة المتسلطة فى عالم المال والسلطة ولعمل المونولوج الداخلى الذى دار عندما رأى الجازية فى سيارة الأفندى (وحيد سيف )دليل على غيابه العقلى ، وإستيقاظه فى الوقت الضائع .

4- كما نجح العمل فى عكس التحولات الإجتماعية والإقتصادية وأبرزت طبقة جديدة إستفادت من سياسة الإنفتاح التى أعقبت حرب أكتوبر المجيدة .

وقد كان الغباشى (فتوح أحمد )والإفندى (وحيد سيف) نموذجا لها وفى المقابل انهيار ما تبقى للاقطاعيين من سطوه وكان النموذج هو"توفبق بك" (احمد خليل )

واود ان انوه الى الدور الرائع الذى جسده الرائع احمد حلاوه وبخاصه الحلقات التى جسد فيها سقوطه تحت تأثير الادمان وقد عرفت القريه مظاهر الاستهلاك التى طرحها الانفتاح وسعت اليها القريه (بعد دخول الكهرباء الى القريه)

وصل الهوس الى حد التفريط فى ادوات الانتاج من اجل تملك ادوات مدنية قد لا تشكل ضروره جديه لهم فبدل تطوير الادوات الانتاجيه مثل المحراث البلدى للتخفيف من المعاناه ولزياده الانتاج باع حافظ (محمد كامل) عجلته لشراء التليفزيون للفرجه على الهمبكه على حد قول أهل القرية من اغان ورقص ولقد حملت الجازيه (نيرمين الفقى) رمزا عاما للوطن بحيث يصبح زواجها علامه على السقوط فى الطبقه الجديده ولكنها فى النهايه ضاقت بوضعها ووطأته وسقطت تحت اغرائات المال بمعنى انها غيرت من حياتها وارتبطت برموز الطبقه الجديده الذين قبضوا على مقدرات الحياة فى ظل السياسة التنموية الجديدة وقد أثرت هذه التحولات على كيان هذا المجتمع وصدعته وبدا تأثيرها الفاعل شبيها للنمل الابيض الذى يأتى على السقف وكان الاستسلام والتجاهل من قبل الجميع احد الاسباب الرئيسيه فى استشرائها , مما ادى فى النهايه الى هدم السقف كله حتى لا يمتد الوباء الى جميع بيوت النجع .

· نجح العمل فى استخدام الاستعاره الجميله فى التعبير عن الطبقه الجديده بورد النيل الذى يعجبك منظره ولكنه دون فائده بل هو يعيق حركه جريان النيل ويمتص الماء والغذاء فقط .

فى السطور التاليه اذكر بعض نقاط القوه فى العمل

1- اغنيه المقدمه والنهايه للشاعر والسنارست سعد القليعى استطاعت ان تلخص العمل كله والحان الموسيقار ميشيل المصرى كان الاطار الجميل لهذه الكلمات الرائعة

2- أداء بعض الممثلين كان رائعا لا مثيل له منهم الاداء الدافىء لمحمد ريحان الذى قدم الرجل الصعيدى (عبد المولى) دون انفعال ولا اداء عصبى مثل غيره فى المسلسلات الاخرى ايضا تجلى الممثل (سعيد الصالح) فى اداء دور الشيخ يوسف كان ادائه متميزا فقد كان لا يمثل وانما يقول قصيده من الشعر ،كان رائعا وبخاصته بمصاحبه الطفل الموهوب حيث كانت المجتزءات التى يقراها الطفل تمثل تعليقا على الاحداث ومبرره ,وكان اداء الطفل غايه فى البساطة والجمال ودور (حافظ) للفنان محمد كامل كان بمثابه لمسه حانيه تعزف على اوتار مشاعر المشاهد بخفه ظلها وجمالها

3- لا تنكر دور مصحح اللهجات الاستاذ (محمد عامر) وقد قدم مجهودا رائعا لا يخفى على احد واستطاع الخروج بلهجه غير متكلفه

4- التصوير الخارجى كان من نقاط القوه فى المسلسل , اما بعض نقاط ضعف المسلسل

أ - الانتاج كان ضعيفا ولم يتم التصوير المسلسل بما فيه الكفايه للدرجة التى تحقق الغرض المناسب له وبخاصه انه عمل جيد لا يقل بحال من الاحوال عن المسلسلات التى عرضت فى رمضان الماضى لدرجه ان المسلسل لم يعرض الا فى قناتى اليمن والسودان ولم يعرض فى اى قناه مصريه بعد ذلك .

ب - الحرص الغير مبرر لذكر اسماء بعض القرى دون ان يكون لذلك داع او ارتباط بأحداث المسلسل كما فى العبارات التى وردت على السنه الابطال كقول احدهم " ده الاستاذ المحامى من الخطارة , الخطاره قرايبنا من زمان" انا لست ضد ذكر اسماء القرى مثل الخطارة وكوم الضبع والزوايدة بل كنت اتمنى ان يرتبط ذكر هذه القرى بأحداث المسلسل بشكل مبرر.

جـ - هناك مأخذ على مسلسل لم يراعيها المخرج منهاعلى سبيل المثال ظهور لافته فى احد الكادرات على احد اعمده النور مكتوب عليها " DSL" وهى اعلان عن (سوبر نت) والمخرج اللماح لا يسمح بمثل هذه الهنات البصرية التى قد يلحظها المشاهد

4/ كنت اتمنى ان استمتع بطعم الجلسات التى تلقى فيها السيره وفن الواو بصوره اكثر كثافه مما تم المسلسل .

وفى الختام: اودان اعبر عن سعادتى بهذا المسلسل للاستاذ سعد قليعى ابن نجع الحميرات بالمحروسه اقنعنا جدا وقدم دراسه حاله على البقعه السكانيه التى تعانى من الاهمال و النسيان وحتى لو قدمت فانها تقدم بصوره جائرة تصف الصعيدى على انه جلنف قاس غبى لا يفهم شيئا .

ان هذا عمل محاوله جادة لتقديم الصعيدى فى صوره موضوعية بعيده عن السخرية به والضحك عليه حتى قاطع الطريق تعامل بفروسيه رائعه عندما طلب منه ان يقتل بشير فالصوره ليست بهذا السوء الذى يعرض على الشاشات المتلفزة

وفى الختام ارجو ان اكون قدمت اضاءة على مسلسل ورد النيل الاستاذ / سعد القليعى عن روايه النمل الابيض للاستاذ عبد الوهاب الاسوانى .

No comments: